روائع مختارة | واحة الأسرة | قضايا ومشكلات أسرية | لعنـــة الحب!!!

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > واحة الأسرة > قضايا ومشكلات أسرية > لعنـــة الحب!!!


  لعنـــة الحب!!!
     عدد مرات المشاهدة: 2274        عدد مرات الإرسال: 0


قالت في نبرة مفعمة بالأسى والألم: أحب زوجي بلا حدود، وأحرص على سعادته مهما كلفتني، حتى وصل بي هذا الحب إلى أنني كنت أعطيه من مالي الخاص ليشتري المخدرات التي أدمنها، وكانت النتيجة أنه ترك عمله، وأهملني أنا وأولاده، وأضاع كل أمواله وثروته. كنت أقتطع من قوت البيت ولوازمه ومتطلباته، لإرضاء زوجي الذي ظللت أحبه برغم صنيعه المدمر لصحته ولأسرته.

¤ مقدمات الخيانة الزوجية:

تقول الزوجة: ذات يوم وجدت أرقامًا غريبة كان زوجي يحفظها على هاتفه بأسماء رجال، فدفعني الفضول -وكذلك دفعتني الغيرة- إلى أن أتصل ببعض هذه الأرقام، فردت عليَّ ثلاث إناث من أربع مكالمات أجريتها، فتملكتني غيرة شديدة، إرتعش لها جسدي، وإضطرب، ولكن ذلك كله لم يخرج حب زوجي من قلبي، تطور الأمر بعد ذلك، إذ سمعته ذات ليلة قبيل الفجر -وقد ظن أنني مستغرقة في النوم- يكلم امرأة، ويبث لها عشقه وعبارات الحب، وعندها لم أتمالك نفسي، فبكيت بكاءً مرًّا، كاد أن يمزقني.

¤ الخيانة العظمى:

تابعت الزوجة سردها لمأساتها، فقالت: ليت الأمر توقف عند هذا الحد، بل إنني ذات يوم استأذنته في أن أذهب إلى أهلي لتغيير الجو، ووافق على الفور، فأخذت أطفالي الثلاثة، وقضيت أسبوعين عند أهلي، وقررت العودة بهيئة جديدة ونفسية متسامحة، فإشتريت له هدايا من مالي الخاص، وباقة من الورود، وعدت إلى بيتي، وخارج غرفة النوم شعرت بأصوات وحركات غريبة، وتأكدت من صوت امرأة غريبة داخل غرفة نومي مع زوجي، فطرقت الباب فلم يفتح، فهرولت إلى صيدلية البيت، وتناولت حبوبًا مهدئة، وأصررت إصرارًا على التأكد بعيني مما سمعت، لهول المفاجأة، وكانت الصدمة أكبر عندما شاهدت إحدى صديقاتي هي التي تشارك زوجي هذه الجريمة البشعة، وفي غرفة نومي، وساعتها فقدت الوعي، ولم أشعر بنفسي إلا وأنا في المستشفى!

* مأساة نفسية:

تقول الزوجة: ومن يومها صرت من رواد العيادات النفسية، وكان لذلك بعض المضاعفات والإنعكاسات الإجتماعية والنفسية، حيث كرهت نفسي، وكرهت الرجال والنساء والمجتمع، وشعرت بفقدان شخصيتي وكرامتي، وساعتها لعنتُ الحب بكل ألوانه وأشكاله.

كنت أحب زوجي، ولم أخبر أحدًا بمأساتي، حتى أهلي لم أخبرهم برغم صراعي النفسي ومعاناتي، وبرغم مرارة العذاب التي تجرعتها منه ومن أفعاله وأقواله وقسوته معي ومع أولاده التي وصلت إلى حد الضرب والسب والشتم والإهانة! وهو في ذلك كله يستغل حبي له، وإنسياقي وراء عواطفي، وإستسلامي له.

بدأ زوجي يكثر في طردي من البيت، ليخلو له الجو مع عشيقاته، فقد إكتشفت أنها ليست واحدة، بل مجموعة من الساقطات اللائي توافقن معه في الخيانة الزوجية، والسلوكيات الشاذة، وبرغم ذلك كنت أعود إلى البيت حفاظاً على أولادي، وإستسلمت لواقعي المرير، وكثرت لعناتي للحب الملعون الذي جعلني أستسلم له، حتى فيما حرمه الله تعالى، حيث كنت أعطيه المال ليشتري المخدرات، وربما حدث لي ذلك عقاباً من رب العالمين.

* عاقبة الحب الملعون:

تعليقاً على قصة هذه المرأة أقول: نحن أمة جعلها الله تبارك وتعالى وسطاً، ومن معاني ذلك أن يكون الإنسان معتدلاً في كل شيء، دون إفراط ولا تفريط، ولذلك عندما أسرفت هذه المرأة في عاطفتها على حساب العقل والمنطق والدين وقعت الكارثة، وحاق الدمار بالزوج وبدينه وصحته، وإنعكس ذلك على الزوجة والأولاد والبيت بأسره.

إن تلك العواطف التي لا ضابط لها ولا حدود قد أثرت سلبًا، حتى وصل أثرها السلبي إلى إصابة الزوجة بآلام نفسية، سرعان ما تحولت إلى أمراضٍ نفسية.

إن فوبيا الطلاق قد تؤدي إلى دمار شامل، فقد تخشى المرأة الطلاق، ومن ثم تفرِّط في حقوقها وكرامتها، بل تتبنى إنحراف زوجها، فتشتري له ما يهواه بغضّ النظر عن حِلّه أو حرمته، وتلك خطيئة وقعت فيها صاحبة هذه المأساة، فلتحذر النساء هذا الخطر.

وفوبيا الطلاق -أيضاً- قد تجعل المرأة تُؤْثر الصمت، وترضى بخيانة زوجها لها، ومن ثم تكون قد رضخت على حساب دينها وكرامتها، وبعض النساء يرين في خيانة أزواجهن لهن فرصة لإبتزازه ماليًّا ونفسيًّا وعاطفيًّا، وذلك أيضًا أسلوب شاذ غير طبيعي، وقليل من النساء قد تخون زوجها عندما يخونها، وتجد من خيانته مبررًا لها لتخونه مع رجل غيره، وبعضهن يرى في ذلك عقابًا للزوج، أو سبيلاً لإشباع شهوتها بدلاً من الإنفجار، فتستغني عن زوجها.

وبعض الزوجات يصبن بالوسواس والشك، فتعبث بهاتف زوجها أو حاسوبه، وتتفنن في إكتشاف غرامياته غير المشروعة، ويتطور الأمر إلى أن تصاب بالوسواس القهري، الذي ربما يتطور إلى إنفصام في الشخصية، ناهيك عن إنشغال الزوجة بمراقبة زوجها عن رعاية أولادها والقيام بأدوارها في بيتها، كذلك إصابتها بالتوتر، وذلك كله ينعكس على سلوكيات الأبناء، ويسبِّب تعاستهم، وإنحرافهم، وقد يؤدي ذلك إلى ردود فعل عند البنت بالذات فتصبح عدوانية عندما تتزوج، لأنها رأت نتيجة ضعف أمها وإستسلامها، وربما يكون طلاق الزوجة هو النهاية برغم أنه هو الهاجس الذي جعلها تستسلم لزوجها، وتخضع وتصمت على إنحرافاته، بل تشاركه هذه الإنحرافات، وتدعمه ماديًّا ومعنويًّا، فيتمادى في غيِّه وإشباع نزواته وهواه.

والبرود العاطفي أحد الآثار السلبية لقسوة الرجل وخياناته في ظل صمت الزوجة وخضوعها، فقد ترى الزوجة أن زوجها الخائن لا يستحق البكاء عليه، ومن ثم تهجره عاطفيًّا، وتتحول طاقتها العاطفية إلى مواجهة للأمراض النفسية والعصبية، نتيجة الكبت الذي يصيبها، والأمراض النفسية التي تحدق بها، كالقلق، والتوتر، والاكتئاب النفسي، وحب الإنتقام.

* ما ذنب الزهور البريئة؟

في قصة أخرى ضرب الزوج زوجته ضربًا مبرحًا بلا رحمة ولا شفقة، وتركها تبكي وتتوجع، ولم يرحم دموع أطفاله الصغار، الذين كانوا يبكون وينظرون مرة إلى أمهم، وأخرى إلى أبيهم، ثم خرج هذا الزوج القاسي وترك البيت، بعد أن خلف الحسرة والحزن والأسى في قلوب أولئك الأبرياء الذين لا ذنب لهم ولا خطيئة، فتوجهت تلك الزوجة المسكينة إلى أطفالها الثلاثة، وضمتهم إلى صدرها الحنون، وبيدها الناعمة تمسح دموع أطفالها الضعاف!

غاب الزوج شهوراً دون أن تعلم الزوجة عنه شيئاً، وببراءة الأطفال ونقائهم وفطرتهم كانوا يسألون أمهم: أين أبونا؟ فيضيفون إليها ألماً على ألم، كانوا يستيقظون في منتصف الليل يسألون عنه، وعندما يطرق أحد بابهم كانوا يتسابقون إلى الباب متمنين أن يكون الطارق أباهم، ولكن سرعان ما يخيب أملهم، ويصابون بالحزن، فيسألون أمهم: أين أبونا؟ ومتى سيعود؟ فكانت الأم المسكينة تردّ عليهم قائلة: أبوكم مسافر، وسيعود إن شاء الله ومعه هداياكم.. وكثيرا ما كانوا يسألون عن أبيهم، عندما يستيقظون، وعندما يأوون إلى فراشهم، وعندما يجلسون على مائدة الطعام.. لم ينقطع سؤالهم عن أبيهم.. وكثيرًا ما كانوا يبكون، وتخفي الأم دموعها أمامهم، فإذا ما غابت أعينهم عنها أمسكت بصورة الزوج وهي تبكي، ودموعها تنهمر على خديها، فكانت الآلام تزداد يوماً بعد يوم، وذات ليلة طرق الباب طارق، فهرول الأولاد إلى الباب آملين أن يكون الطارق أباهم، ولحقت بهم أمهم، ولكن كانت المأساة الأكبر! إن الزوج عاد هذه المرة ليس بقسوته فقط، بل عاد وفي جعبته خطة لإذلال زوجته، لقد دخل وزوجته وأولاده في إستقبال حار، وأبدوا أشواقهم، وسلموا عليه، وقابل ذلك كله بفتور، بل بقسوة وصلف، قالت له الزوجة: حمداً لله على سلامتك، نحن جميعاً مشتاقون إليك، فلم يرد عليها تحيتها، وكان يحمل حقيبة في يده، فأعطاها إياها، وقال لها: احملي هذه الحقيبة، وضعيها في الطابق الثاني، فنفذت الزوجة أمره، وعادت فإذا بها تشاهد خلفه امرأة غريبة، وإذا بالزوج يشير إلى زوجته الأولى ويقول لهذه المرأة الغريبة: هذه خادمة البيت، فإذا أردت أي شيء فما عليك إلا أن تصدري لها أوامرك، وعليها التنفيذ، فانهارت الزوجة وسقطت، وبكى عليها أطفالها، ولم يرحم الزوج القاسي زوجته التي شاركته الحياة، وقامت على خدمته، وصبرت على قسوته، وأنجبت له الأولاد، وحتى هؤلاء الأولاد لم يرحم أبوهم بكاءهم وآلامهم!

الرفق بالزوجة دعوة ربانية، يقول الحق سبحانه وتعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم:21]. ومعنى ذلك: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا}، أي خلق لكم من جنسكم إناثاً يكنّ لكم أزواجاً، لتسكنوا إليها، كما قال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ}[الأعراف:189]، يعني بذلك حواء، خلقها الله من آدم من ضلعه الأيسر، ومن هنا جاء هذا الائتلاف والإنسجام بين الرجال والنساء، ثم من تمام رحمته سبحانه وتعالى ببني آدم أن جعل أزواجهم من جنسهم، وجعل بينهم وبينهن مودة وهي المحبة، ورحمة وهي الرأفة {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}، فأصحاب الفكر والتفكر هم الذين يدركون نعمة الله تلك.

وهذه الآيات القرآنية -وغيرها كثير في القرآن الكريم- تؤكد أن الزواج روح، وتفاهم، وإنسجام وتناغم، ومشاعر دافئة متبادلة، وسكن، وألفة بين الزوج وزوجته، وهذه النعم كلها تستحق منا أن نشكر المنعم، على أن حقق لنا العفاف بالزواج، وهي دعوة للأزواج والزوجات جميعا إلى التراحم والحب وتجنب القسوة، وليعلم الرجال أن المرأة أحوج منهم إلى العطف والحنان والإحساس بالأمان، ومن ثم لا يصح أن يطرد الزوج زوجته من بيته، ولا أن يقسو عليها فيضربها أو يشتمها، أو يبخل بعواطفه عليها، ولا يكون جاف المشاعر، حادًّا في طباعه، انفعاليًّا في أقواله وتصرفاته، وكذلك الزوجة ينبغي أن تبادله ذلك، وأن تحرص على طاعته وإرضائه، فيما لا يغضب ربها، ولا يهين كرامتها.

ما أحوج الزوجة إلى أن تسمع منك أيها الزوج كلمة أحبك.. ما أحوجها إلى تشجيعها، فتمتدح إهتمامها بك في زيها ومظهرها، ما أحوجها إلى أن تقدر صنيعها، فتثني على طهيها طعامك.. ما أحوج زوجتك إلى أن تفاجئها بنزهة أو هدية أو كلمة طيبة تمسح بها آلامها ودموعها! وما أحوجك أنت أيها الزوج القاسي إلى أن تخرج من ظلمك، فالظلم ظلمات يوم القيامة.

الكاتب: سمير يونس.

المصدر: موقع قصة الإسلام.